سر غيّر حياتي كلياً..!
من
واقع تجربة ...
أحب أن أشارك تجربي في فن التعامل مع مسألة رد
الفعل المناسب التي تؤثر على نفسية الانسان خصوصاً إذا كان مرهف الحس ورقيق
المشاعر.
في
البداية كنت خجولاً في التعامل مع الاخرين، وكنت أفكر كثيراً قبل ان أقول أي عبارة
خوفاً من ان أرتكب خطأ يتسبب في احراجي أمام الناس ...
إذا قام شخص ما بالإساءة ألي بالقول او بالفعل
كنت اتجمد غير مصدق لما حدث ثم اكتفي بالابتسامة في حرج مع التزام الصمت؛ ولا
أستطيع أن أقوم بأي رد فعل؛ بعد انصراف الجميع أسهر الليل واتقلب شاعراً بالغضب
الشديد من نفسي ومن ضعفي وأتخيل سيناريوهات بديلة استطعت فيها الرد بقوة على
الإهانة واخذ حقي من الشخص الذي تطاول علي.
حينما تجاوزت العشرين من عمري ومع الدخول الى
عالم الأعمال والتعرض لمواقف أكثر؛ تغيرت شخصيتي الى النقيض تماماً؛ فصرت منفتحاً جداً
مع الاخرين، وأسعد وأستمتع بمشاركة أفكاري ولا أخجل من طرح وجهة نظري؛ وزادت ثقتي
بما جعلني بالفعل لا أهتم كثيراً لرد فعل الناس بشأني؛ وهنا جاءت اللحظة التي كنت
أنتظرها بحرارة.. لحظة الانتقام والرد بالمثل.
حينما يفكر شخص ما بجرد التفكير بالاستهزاء بما
أقول أو التقليل من أهمية كلامي؛ ومع أول حرف يخرج من فمه.. أبدأ في الهجوم الاستباقي؛
فيحاول الشخص التماسك أمام كلماتي وسيل "التجزيء" الذي يهبط على رأسه
كعاصفة وهي هوجاء؛ كل ذلك وأنا واضع يدي في جيبي ولا أبذل كثير جهد من أجل إنهاء
النقاش بأكبر قد ممكن من الإهانة له ومسح بلاط حمامات محطة القطار بكرامته المهترئة..
حسناً لقد استطعت بالفعل تحقيق ما أسمية "الانتقام الهندي" من كل من يجرؤ
على التفكير؛ مجرد التفكير في أن يدوس لي طرف.. ولكن!
لم أشعر بالراحة النفسية التي كنت أظن أنني سأشعر
بها؛ بل على العكس شعرت بالحزن واحياناً بالتعاطف مع الأشخاص الذين صدرت منهم
إساءة بسيطة ربما ام تكن مقصودة؛ بينما قمت أنا عن عمد بالإساءة إليهم بشكل ربما
اغتيال لشخصيتهم وآمل أنني لم أتسبب لأحدهم في أزمة نفسية سيعاني منها لفترة طويلة..
والآن؛ وانا على مشارف الأربعين؛ اكتشفت السر،
أنني في البداية كنت أستخدم الأسلوب المناسب للتعامل مع الإساءة؛ وهو التجاهل
والتغافل والابتسام بهدوء؛ لأنك الطرف الأقوى.. هذا السلوك يسمى "حسن
الخلق" وهو من أعظم الأعمال التي يدخل بها الناس الى الجنة..
ها هي خلاصة أكثر من ربع قرن بين يديك؛ كنت اظن
أن رد الصاع صاعين هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الكائنات المؤذية من البشر؛ ولكن
المنهج النبوي الشريف والأخلاق القرآنية العظيمة تلخصها الآية الكرية التي تقول :(
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ
َلِيٌّ حَمِيمٌ) سورة /
فصلت
طبعاً ليس الأمر سهلاً يحتاج منك الى الصبر؛ لكن
الثمرة ان يحبك الناس ويسعون الى إرضائك؛ لأنك تخرج أفضل ما فيهم؛ وتمنحهم الفرصة
لكي يحسنوا من أنفسهم معك.
استمر فيما تفعله من صبر وعدم رد الإساءة بمثلها؛
ونم قرير العين وانت تشعر بالراحة والسعادة لأنك ببساطة إنسان طيب حسن الخلق...
ودع من ينبح ينبح ومن ينهق ينهق؛ لتصدح انت بأعذب
الالحان..
هل
اقتنعت أم أنني أكمل؟

0 تعليقات