كيف أتغلب على انطوائيتي؟
ولماذا يجب التغلب عليها؟
لماذا تعارض طبيعتك وتحاول أن تكون
غيرك؟
إن كانت انطواءيك ناتجة
عن صدمة نفسية واحتجت من بعدها لمسافة أمان بينك وبين الآخرين، كي تتمالك أمرك
وترتب أولوياتك، فهذا أمر علاجي طيّب جداً، ووسيلة تشافي ذاتية لا تحاول رفضها أو
تسريعها، لكن كن حريصاً ألّا تطول بشكل تصبح فيها الانطوائية مشكلة
بدلاً من كونها العلاج.
أما إن كنت انطوائياً بطبيعتك
فمحاولتك لتغيير نفسك المتجذرة والمفطورة على كونك انطوائياً، ستبوء بالفشل مهما
حاولت، أو ربما تنجح بشكل مؤقت.
لكن ستغدو النتيجة التي خرجت بها هي
شخصية متذبذبة غير واضحة الملامح ومتعبة لك ولمن حولك؛ فلا هي بالشخصية الانبساطية ولا
الانطوائية.
وستجعل من فكرة إدراكك لما تحب وما
تكره، وإدراك من حولك لما تحب وما تكره أمراً عسيراً جداً.
وستغدو لفترات طويلة انبساطياً ثم
فجأة تعود لطبيعة نفسك وهي الانطوائية. فلا يدرك من حولك ما يحدث معك وما هي طريقة
التعامل المثلى.
إن الأيسر والأنفع من هذا كله هو أن
تتقبّل نفسك كما أنت. إنما مع محاولتك التعديل على تلك الصفات التابعة لكونك انطوائياً
والتي تؤثر على حياتك وتساهم في خسارتك لبعض الفرص والتجارب التي يخسرها الانطوائيون
عادة.
لا تبدّل طبيعتك، بل أدرك نقاط قوتك
واظهرها واستغلها بشكل جيد جداً، وأدرك نقاط ضعفك وحاول وسع جهدك أن تعدّلها
وتنمّيها، وتختار العلاقات والوظائف غير المعتمدة عليها.
سواء كنت انطوائياً أو انبساطياً في كلا
الحالتين شخصيتك سيكون لها نقاط قوة ونقاط ضعف.
يعاني الانبساطيون من
عقبات ومشاكل عديدة نتيجة كونهم انبساطيون، ولكن عادة لا يربطونها بكونهم
انبساطيون؛ كالتعرض لمشاكل إنسانية أكبر نتيجة تعاملهم مع فئة أكبر من الناس،
واستهلاكهم المشاعر بشكل متكرر وبنسبة عالية ومرهقة جداً؛ نتيجة لحاجتهم لتقديم
التعاطف وتبادل المشاعر مع نسبة أكبر من الناس مما يعرضهم لما يُعرف بـ(الاحتراق
العاطفي) بنسبة أكبر من الانطوائيين الذين هم عادةً أكثر حذراً فيما يتعلق
بالمشاعر.
الانبساطيون هم أناس أتقنوا كيفية إبرازهم لنقاط
قوتهم فانصبّت الأضواء عليهم وتمركز الاهتمام حولهم، الأمر الذي قد يوحي للانطوائيين
أنهم مهمّشون. وحقيقة الأمر هي أنهم أهملوا نقاط قوتهم وصبوا التركيز بشكل كامل
على نقاط الضعف.
من ضمن القصص التي أخبرها للأطفال عن
تقبل الذات ومحاولة إدراك المهارات بدلاً من جلد الذات ورفضها، هي قصة أرنب قضى
عمره ناقماً على نفسه لكونه أرنب، يستيقظ كل يوم كارهاً لذاته رافضاً لها، يتمنى
أن يكون عصفوراً. كل يوم ذات النواح واللوم والرفض للذات.
ذاك لأنه لم يدرك أبداً أن بإمكانه
الركض بين الحقول وسع قوته. حتى قابل عصفوراً وأخبره العصفور عن أمنيته بتجريب
الركض! وأنه يكره كونه عصفوراً وأن السماء زرقاء واسعة مملة. اندهش الأرنب جداً
وأدرك معنى أن يرفض المرء ذاته، حين سمع غيره يرفض ذاته ويكرهها ويرفض طبيعته.
حاول من بعدها الاستمتاع بالركض، لكنه
وجد نفسه بات عجوزاً، وقد قضى عمره يكره ذاته وضاعت عليه العديد من الفرص الجميلة
في الركض مع أصدقائه والاستمتاع بما يملك.
القصة هي من ضمن منهاج تقبل الذات، ومختومة بجملة أحبها جداً:
كان حرياً بالأرنب أن يصبّ اهتمامه على
امتلاكه مهارة الجري بدلاً من أن يقضي عمره نادباً حظه لأنه لن يطير.
من المهم جداً قراءة هذا النوع من
القصص للأطفال لتعزيز مفهوم تقبل الذات لديهم من وقت مبكر.
الحقيقة هي أنك ستمتلك نقاط ضعف مهما
كانت شخصيتك..
فتقبل نفسك وحاول تنميتها لا رفضها.
إن كلمة (تغلّب) المستعملة في صيغة
السؤال هي كلمة مؤذية منك لنفسك، أنصحك بأن تستعمل كلمات مشابهة حين تتحدث عن
عادات خاطئة: كالتسويف والخجل والقسوة، أما حين تتحدث عن كيانك كاملاً فإنك
بالتأكيد تحتاج أن تتقبلك وتفهمك بدلاً من أن تتغلب عليك!
من الخطوات التي بإمكانك اتخاذها:
أن تدرك طبيعتك، وتفهمها وتدرك نقاط
قوتك، فللانطوائيين قدرة عالية على التحليل والتفكير بالتفاصيل التي تغيب عادة عن
سواهم بالإضافة إلى العديد من المميزات.
الهدوء: هل للانطوائيين قوة في عالم لا يستطيع التوقف عن الكلام؟ هذا
هو عنوان كتاب لسوزان كين ناقشت فيه معنى أن تكون انطوائياً وايجابيات هذا الأمر
وكيف تستغله بشكل يعود عليك بالنفع وما تحتاج لتطويره كونك انطوائياً. أتمنى أن
تجعله على رأس قائمة الكتب التي تريد قراءتها. سيساعدك في فهم ذاتك وتقبلها. ويريك
الجانب المتعب من حياة المنبسطين.
تقول سوزان كين مؤلفة كتاب الهدوء: "يجب أن تُحسِن
اختيار المجال العملي الذي يناسبك؛ لأنك في حال اخترت مجالاً يتطلب كثيراً من
الاحتكاك والكلام مع زملاء العمل أو العملاء أو به نوع من الصخب الزائد، فإن العمل
سيتحول إلى جحيم يومي"
وأقول
لك عن تجربة شخصية: ستجدك أرنباً محشوراً بين عصافير! كلهم يتقنون أمراً لا تملكه
وستؤذي نفسك. اختر بعض الأصدقاء من الانبساطيين؛ حتى تكسر النمطية وتقوي من
مهاراتك وتكتسب منهم بعض نقاط القوة. ولكن بشكل مدروس لا مكثّف أو عشوائي. لكن
فيما يتعلق بالعمل بالطبع يجب أن يكون مكان العمل هادئاً.
ليس من الضروري أن يكون الانطوائي
خجولاً، إن كنت خجولاً فعالج مشكلة الخجل بشكل منفصل عن طبيعتك الشخصية، واسحب ذات
التصرف على جميع الجوانب التي تحتاج إلى تعديل فيما يتعلق بالانطوائية؛ كضعف التعبير
عن العاطفة والتعب من التبعات الاجتماعية للعلاقات المستمرة ونحو ذلك. كل هذه هي
مهارات بإمكانك اكتسابها دون التفريط بطبيعتك الأصلية.
كل هذا الإبداع والتفرد والتميز في
المحتوى والخبرات. الانطوائي يدرك طبيعة الانطوائي مثله بسرعة ويستطيع اكتشافه وتمييز حرفه
من بين الجموع. تأمل فقط بقصص نجاحهم وتحويلهم لانطواءيهم لنقطة قوة في تميزهم
العلمي والوظيفي. تأمل كيف صنعوا لأنفسهم عوالم خاصة بهم وأتقنوا السكنى فيها.
أتمنى أن نكون قد وفقّنا في شرح وجهة نظرنا
عن الانطوائية.

0 تعليقات